- «أيّها الأمير إنّ عاقبة الغدر شديدة ومغبّة الظلم والبغي غير مأمون شرّها وربّ مستذلّ قد عاد عزيزا ومقهور عاد مستطيلا وليس النصر بالكثرة وجرح الموت أيسر من جرح الذلّ والضيم فأمّا جبغويه وخاقان فاكتب إليهما وولّهما بلادهما وعدهما التقوية لهما على محاربة الملوك، وأمّا ملك كابل فابعث إليه بعض طرف خراسان وهاده وسله الموادعة تجده حريصا على ذلك، وأمّا ملك ابراز بنده فسلّم له ضريبته فى هذه السنة وصيّرها صلة منك له وصلته بها. ثمّ اجمع إليك أطرافك واضمم إليك من شذّ من جندك، ثمّ اضرب الخيل بالخيل والرجال، بالرجال فإن ظفرت فذاك، وإلّا كنت على اللحاق بخاقان قادرا.»[٦٠] فقال المأمون:
- «أنا أعمل فى هذا وغيره بما ترى.» وفرّق الكتب وأرسل إلى أولئك العصاة، فأذعنوا ورضوا وكتب إلى قوّاده وجنوده فى الأطراف فأقدمهم عليه، وكتب إلى طاهر بن الحسين وكان يومئذ بالرىّ عاملا من قبل المأمون أن يضبط ناحيته ويجمع إليه أطرافه ويكون على حذر من جيش إن طرقه أو عدوّ إن هجم عليه.
وكان الفضل نظر فى النجوم وكان جيد المعرفة بأحكامها، فرأى الغلبة لعبد الله، فوطّن نفسه على محاربة محمد الأمين ومناجزته.
[كتاب من المأمون إلى الأمين]
فلمّا فرغ المأمون ممّا ذكرناه كتب إلى محمد:
- «لعبد الله محمد الأمين أمير المؤمنين من عبد الله بن هارون.