ونختار الآن طرفا من سيرة عضد الدولة ونورده هاهنا عن ذكر خاتمة أيامه فإنّه أحفظ لترتيب القول ونظامه. [٦١]
[أخبار من سيرة عضد الدولة]
كان ملكا كامل العقل، شامل الفضل، حسن السياسة، كثير الإصابة، قليل السقطة، شديد الهيبة، بعيد الهمة، ثاقب الرأى، صائب التدبير، محبّا للفضائل، مجتنبا للرذائل، باذلا فى مواطن العطاء كأن لا سخاء بعده، مانعا فى أماكن الحزم حتى كأن لا جود عنده، يستصغر الكبير من الأمر ويستهون العظيم من الخطب.
وكان يقول على ما يحدّث عنه:
- «الأرض أضيق عرصة من أن تسع ملكين.»
فأمّا أفعاله فى تدبير نفسه وترتيبه فى قسمة زمانه
فإنّه كان يباكر دخول الحمام، فإذا خرج منه ولبس ثيابه أدى فرض الصلاة، ودخل اليه خواصه وحواشيه، فجلس منهم أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف بحضرته ويضع دواته بين يديه، ثم يؤذن لأبى القاسم المطهر بن عبد الله وزيره ومن قام مقامه بعده [٦٢] فيسأله عما عمله فيما سبق التقدم به اليه، فيخبره بذلك ثم يذكر له ما عرض من الأمور ويستأذنه فى كلّ أمر فيوعز اليه بما يعتمده فيه.
ويفعل مثل ذلك مع أبى الحسن على بن عمارة وأبى عبد الله ابن سعدان عارضى الجيش ذاك للديلم وهذا للاتراك والاعراب والأكراد.
فإذا ترحّل النهار سأل عن ورود النوب المترددة بالكتب ولها وقت معلوم