فحمل عليهم، فكشفهم حتّى انتهوا إلى مصعب. فجثا مصعب على ركبتيه، ولم يكن فرّارا، فرمى بأسهمه، ونزل الناس، فقاتلوا ساعة، ثمّ تحاجزوا.
فبعث مصعب إلى المهلّب وهو فى خمسين من الأخماس جامّين كثيرى العدد والفرسان:
- «لا أبا لك ما تنتظر أن تحمل على القوم؟» فمكث غير بعيد. ثمّ إنه قال [٢٥٧] لأصحابه:
- «قد قاتل القوم منذ اليوم وأنتم وقوف، وقد أحسنوا، وبقي ما عليكم، احملوا واصبروا واستعينوا بالله.» فحملوا حملة عظيمة، فحطّموا أصحاب المختار حطمة منكرة فكشفوهم.
وقال عبد الله بن عمرو النهدىّ، وكان من أصحاب صفّين:
- «اللهمّ إنّى على ما كنت عليه ليلة الخميس بصفّين، اللهمّ إنّى أبرأ إليك من فعل هؤلاء المنهزمين.» وجالد بسيفه حتّى قتل.
وأتى مالك بن عمرو النهدي بفرسه، وكان على الرجّالة، فركبه وانقصف أصحاب المختار انقصافة شديدة كأنّهم أجمة فيها حريق.
فقال مالك حين ركب:
- «ما أصنع بالركوب؟ والله لأن أقتل هاهنا أحبّ إلىّ من أن أقتل فى بيتي. أين أهل البصائر؟» فثاب إليه نحو من خمسين رجلا.
[ذكر ظفر بعد هزيمة]
وذلك عند المساء. فكرّ على أصحابه محمد بن الأشعث وكان إلى جانبه، فقتل محمد بن الأشعث هو وعامّة أصحابه. وانتهى المختار فى أصحابه إلى