فلقوهم ببطن السر فهزموا مقدّمته وكشفوا ميسرته وقتلوا من أصحابه مائة وثلاثين رجلا وعقروا من إبل عسكره سبعمائة ومائة دابّة، وانتهبوا الأثقال وبعض ما كان مع بغا من الأموال فهجم عليهم وعليه ليل.
فجعل بغا يناشدهم ويدعوهم إلى الرجوع إلى طاعة الواثق فشتموه وتوعّدوه. فلمّا دنا الصبح أشير على بغا بأن يوقع بهم قبل أن يضيء الصبح فيروا قلّة عدد من معه ويجترئوا عليه، فأبى بغا. فلمّا أضاء الصبح [٣١٧] ونظروا إلى عدد من معه حملوا عليهم فهزموهم حتّى بلغت هزيمتهم معسكرهم وأيقنوا بالهلكة.
[ذكر اتفاق حسن]
وبلغ بغا أنّ خيلا لهم بمكان من بلادهم، فوجّه من أصحابه نحوا من مائتي رجل إليها. فبينا هم فيما هم من الإشراف على العطب وقد انهزم بغا إذ خرجت تلك الجماعة منصرفة من تلك الخيل وأقبلت متفرقة فى ظهور بنى نمير. فنفخوا فى صفّارتهم فالتفتوا ورأوا الخيل وراءهم، فولّوا منهزمين وأسلم فرسانهم رجّالتهم وطاروا على ظهور الخيل.
وكان منهم جماعة تشاغلوا بالنهب، فثاب إلى بغا أصحابه فكرّ عليهم وقتل منهم منذ زوال الشمس وإلى آخر وقت العصر زهاء ألف وخمسمائة رجل. وأقام بغا حتّى جمعت له رؤوس من قتل واستراح هو وأصحابه ببطن السرّ ثلاثة أيّام. ثمّ أرسل إليه من هرب من فرسان نمير من الوقعة يطلبون الأمان فأعطاهم الأمان فصاروا إليه فقيّدهم وأشخصهم معه، فشغبوا فى الطريق وحاولوا كسر قيودهم والهرب. فأمر بإحضارهم واحدا بعد واحد فيضربه ما بين الأربعمائة إلى الخمسمائة، فلم ينطق منهم ناطق بتوجّع ولا تأوّه. ثمّ جمعهم مع من لحق به [٣١٨] ممّن طلب الأمان وحملهم إلى