للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «هل رأيت أصبر من هذين قطّ؟ والله إنّا لنؤتى بالذين قاسوا غلظ المعيشة وكدّها فما يصبرون هذا الصبر وهولاء أهل الخفض والكنّ والنعمة.» قال: فقلت:

- «يا أمير المؤمنين، هولاء قومك أهل الشرف والقدر.» فأعرض عنّى وقال:

- «أبيت إلّا العصبيّة.» فلمّا كان بعد أيّام أعاد عبد العزيز بن إبراهيم ليضربه، فقال:

- «يا أمير المؤمنين، الله، الله، فينا، فو الله إنّى لمكبّ على وجهى منذ [٤٢٨] أربعين ليلة، ما صلّيت لله صلاة.» - «أنتم صنعتم ذلك بأنفسكم.» قال:

- «فأين العفو يا أمير المؤمنين؟» قال:

- «فالعفو إذا.» ثمّ خلّى سبيله.

وفى هذه السنة ثارت السودان بالمدينة وكان وإليها عبد الله بن الربيع.

ذكر خبر وثوب السودان بالمدينة والسبب الذي هيّج ذلك

وكان رياح بن عثمان استعمل أبا بكر بن أبى سبرة على صدقة قوم، فلمّا خرج محمّد صار إليه أبو بكر بما كان جبى وشمّر معه، فلمّا قدم عيسى وهزم محمّدا استخلف كثير بن حصين على المدينة، فأخذ كثير أبا بكر بن أبى سبرة، فضربه سبعين سوطا وقيّده وحبسه، ثمّ قدم عبد الله بن الربيع واليا من قبل أبى جعفر المنصور، فكان الجند ينازعون التّجار ويتعدّون عليهم، فاجتمعوا إلى أميرهم ابن الربيع، فشكوا ذلك إليه، فنهرهم وشتمهم، فطمع فيهم الجند إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>