للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخرهم.

ذكر كلام لهؤلاء المسلمين واستعطاف حين أحسّوا بالقتل

قال بجير بن عبد الله المسلىّ [١] حين أتى به مصعب ومعه ناس كثير منهم:

- «الحمد لله الذي ابتلانا بالإسار وابتلاك بالعفو، وهما منزلتان، فى إحداهما رضا الله، وفى الأخرى سخطه. من عفا عفا الله عنه وزاده عزّا، ومن عاقب لم يأمن القصاص، يا بن الزبير، نحن أهل قبلتكم وعلى ملتكم ولسنا تركا ولا ديلما، خالفنا إخواننا [٢٦٤] من أهل مصرنا، فإمّا أن نكون أصبنا وأخطئوا، وإمّا أن نكون أخطأنا وأصابوا، فاقتتلنا كما اقتتل أهل الإسلام [٢] بينهم فقد اختلفوا واقتتلوا، ثمّ اصطلحوا واجتمعوا. لقد ملكتم فأسجحوا، وقدرتم فاعفوا.» فلم يزل بهذا القول ونحوه حتّى رقّ لهم الناس، ورقّ مصعب أيضا، وأراد أن يخلّى سبيلهم. فقال عبد الرحمان بن محمد بن الأشعث:

- «تخلّى سبيلهم يا بن الزبير؟ اخترنا، أو اخترهم!» ووثب محمد بن عبد الرحمان بن سعيد بن قيس، فقال:

- «قتل أبى وخمسمائة من همدان وأشراف العشيرة، ثمّ تخلّى سبيلهم ودماؤنا ترقرق فى أجوافهم، اخترنا أو اخترهم.» ووثب كلّ قوم وأهل بيت كان أصيب منهم رجل، فقالوا نحوا من هذا القول.

فلما رأى مصعب ذلك، أمر بقتلهم، فنادوه بأجمعهم:

- «يا بن الزبير، لا تقتلنا، اجعلنا على مقدّمتك إلى أهل الشام غدا، فو الله ما بك ولا بأصحابك عنّا غدا غنى إذا لقيتم عدوّكم، فإن قتلنا لم نقتل حتّى نرقّهم، وإن ظفرنا بهم كان ذلك لك ولمن معك.»


[١] . المسلىّ: كذا فى الأصل والطبري (٨: ٧٤٠) وما فى مط: المسلمي.
[٢] . أهل الإسلام: كذا فى الأصل مط، وما فى الطبري (٨: ٧٤٠) : أهل الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>