بينهما الفرات وأقبل أبو جعفر من الرها، فكاتبهم إسحاق وطلب الصلح فأبوا، فطلب الأمان فأجابوه. وكتبوا إلى أبى العبّاس فأمرهم أن يؤمنوه ومن معه، فكتبوا بينهم كتابا ووثّقوا له فيه، فخرج أبو إسحاق إلى أبى جعفر وتمّ الصلح، وكان مع أبى جعفر، ينزل معه منزلة كبيرة، وآثره على جميع أصحابه.
وكان إسحاق بن مسلم العقيلي حيث حاصره أبو جعفر يقول:
- «فى عنقي بيعة ولست أدعها حتّى أعلم أن صاحبها قد مات أو قتل.» فأرسل إليه أبو جعفر:
- «إنّ مروان قد قتل.» فقال:
- «حتّى أتيقّن.»[٣٤٥] ثمّ لمّا طلب الصلح قال:
- «قد أيقنت أنّ مروان قد قتل.» وولّى أبو العبّاس أبا جعفر الجزيرة وأرمينية وآذربيجان، ولم يزل عليها حتّى استخلف.
وفى هذه السنة شخص أبو جعفر إلى خراسان لاستطلاع رأى أبى مسلم فى قتل أبى سلمة حفص بن سليمان الذي يقال له: وزير آل محمّد.
[ذكر السبب فى مسير أبى جعفر وما كان من أمره وأمر أبى مسلم]
قد ذكرنا تنكّر أبى العبّاس لأبى سلمة وما كان همّ به. فحكى أبو جعفر قال:
لمّا ظهر أبو العبّاس سمرنا ذات ليلة فذكرنا صنيع أبى سلمة فقال رجل منّا:
- «ما يدريكم لعّل ما صنع أبو سلمة كان عن رأى أبى مسلم؟» فلم ينطق منّا أحد. فقال أمير المؤمنين أبو العبّاس:
- «لئن كان هذا عن رأى أبى مسلم إنّا بعرض [١] بلاء، إلّا أن يدفعه الله عنّا.»
[١] . كذا فى الأصل. فى الطبري (١٠: ٥٨) : لبغرض البلاء (بالغين المعجمة) .