البلدان فى هيأة الطارئة والسابلة، وفتّشت الكتب فكانت ترد من قبل محمد الرسل والجماعات، فإذا صاروا إلى حدّ الرىّ وجدوا تدبيرا مؤيّدا [٤٢] وعقدا مستحصدا، وأخذتهم الأحراس من جوانبهم فحصّنوا فى حال ظعنهم وإقامتهم من أن يخبروا أو يستخبروا، وكتب بخبرهم من مكانهم، فيجيء الإذن فى حملهم، فيحملون محروسين لا خبر يصل إليهم، ولا غيرهم يتطلّع خبرا من عندهم حتّى يصيروا إلى باب المأمون.
وذكر سهل بن هارون، أنّ المأمون قال يوما لذي الرئاستين:
- «إنّ ولدي وأهلى ومالي الذي أفرده لى الرشيد بحضرة محمد وهو مائة ألف ألف وأنا إليها محتاج وهي قبله فما ترى فى ذلك؟» فقال له ذو الرئاستين:
- «إن أنت كتبت كتاب عزمة فمنعك، صار إلى خلع عهده. فإن فعل، حملك ولو بالكره على محاربته، وأنا أكره أن تكون المستفتح باب الفرقة ما أرتجه الله دونك، ولكن تكتب كتاب طالب بحقّك وتوجيه أهلك على ما لا يوجب عليه المنع نكثا لعهدك، فإن أطاع فنعمة وعافية، وإن أباها لم تكن بعثت على نفسك حربا ومشاقّة.» قال: «فاكتب إليه كما ترى.» فكتب عنه:
[كتاب كتبه ذو الرياستين عن المأمون إلى الأمين]
- «أمّا بعد فإنّ نظر أمير المؤمنين للعامّة نظر من لا يقتصر على إعطاء النصفة من نفسه حتّى يتجاوزها إليهم ببرّه وصلته [٤٣]