لم يزل يحبّ التشفّى والأخذ بالثأر منذ أطلقه الوزير ولكنّه يكتم ذلك إلى أن واقف الحجريّة وضرّبهم عليه. وبلغ الوزير ذلك فأخذ يعتضد ببدر الخرشنى صاحب الشرطة فقوى أمر بدر وواقفه [١] على أن يستولى على دار السلطان فيحصل فيها ويمنع الغلمان الحجريّة منها لأنّه بلغه أنّهم قد عملوا على المصير إلى الدار والمقام ففعل بدر ذلك وحصل هو وأصحابه بالسلاح فى الدار ومنع الغلمان الحجريّة من دخولها ولم يظهر الوزير أنّ الذي فعله بدر كان عن رأيه. ثمّ جمع بين الساجيّة وبين بدر حتّى تحالفوا على معاونة بعضهم بعضا.
فلمّا وقف المظفّر بن ياقوت على ذلك ضعفت نفسه وأشار [٥١٠] الحجريّة بالخضوع للوزير والتذلّل له ولم يزالوا يلطفون للوزير ويتحققون بخدمته إلى أن أنس بهم وسألوه صرف بدر وبذلوا له كلّ ما أراد من الطاعة والموالاة له إلى أن انخدع وصرف بدرا وأصحابه. فلمّا خلت دار السلطان منهم ومن الساجيّة تحالف الحجريّة على أن تكون كلمتهم واحدة فصاروا بأجمعهم إلى دار السلطان وضربوا خيمهم فيها وحولها وملكوها وصار الراضي فى أيديهم وحزبهم. فندم الوزير وعلم أنّ الحيلة تمّت عليه فتقدّم إلى بدر بأن يخرج إلى المصلّى فى أصحابه من غير أن يعلم أحد أنّه فعل ذلك برأى الوزير وأمره فخرج بدر وأثبت زيادة من الرجّالة.
وبلغ ذلك الحجريّة فطالبوا الراضي بالله أن يخرج معهم إلى المسجد الجامع فى داره فيصلّى بالناس ليراه الناس معهم فيعلمون أنّه فى حيّزهم.