خليفة أبيه قد تمكن من ركن الدولة وقبل ذلك ما عرفه بالكفاية والسداد- فسفر المتوسطون بينه وبين حسنويه إلى أن تقرّر أمره على خمسين [٣٤٩] ألف دينار ينكسر بعضها وجبى كورة الجبل وجمع من الدواب والبغال وسائر التحف ما بلغ مقداره مائة ألف دينار ووردت عليه كتب ركن الدولة بما قوّى نفسه وشدّ منّته وأحمد جميع ما كان دبّره وأمر بالعود إلى الحضرة بالرىّ.
وكانت وفاة الأستاذ الرئيس بهمذان فى صفر ليلة الخميس السادس منه سنة ستين وثلاثمائة ففقد به الفضل أجمع وعدمت المحاسن التي ما اجتمعت لغيره فى الإسلام.
[ذكر جملة من فضائل أبى الفضل ابن العميد وسيرته]
كان هذا الرجل قد أدّى من الفضائل والمحاسن ما بهر به أهل زمانه حتى أذعن له العدوّ وسلم الحسود ولم يزاحمه أحد فى المعاني التي اجتمعت له وصار كالشمس التي لا تخفى على أحد وكالبحر الذي يتحدّث عنه بلا حرج ولم أر أحدا قطّ زادت مشاهدته على الخبر عنه غيره.
فمن ذلك أنّه كان أكتب أهل عصره وأجمعهم لآلات الكتابة حفظا للغة والغريب وتوسّعا فى النحو والعروض واهتداء إلى الاشتقاق والاستعارات وحفظا للدواوين من شعراء الجاهلية والإسلام.
ما حدّثنى أبو الحسن على بن القاسم فى فضائل ابن العميد
ولقد حدثني أبو الحسن على بن القاسم رحمه الله قال:
- «كنت أروّى ابني أبا القاسم القصائد الغريبة من دواوين القدماء لأنّ الأستاذ الرئيس كان [٣٥٠] يستنشده إذا رءاه وكان لا يخلو إذا أنشده من ردّ