لقد ضلّ من ظنّ أنّ الملك يستقيم بالظلم والمال ويثمر بالجور، أو الارتفاع يكثر بالحيف، أو الضرع يدرّ بالعسف. لا ورافع السماء ومؤتى الملك من يشاء، ما يصلح الملك إلّا بإحسان السيرة وإحكام السياسة وترتيب الخاصة وتهذيب العامة والهيبة فى الجند والعدل فى الرعيّة.
وهيهات أن يصلح الملك تدبير مملكته إلّا بعد تدبير مدينته، أو تدبير مدينته إلّا بعد تدبير داره، أو تهذيب رعيته إلّا بعد تهذيب جنده، أو تهذيب جنده إلّا بعد تهذيب حاشيته، أو تهذيب حاشيته إلّا بعد تهذيب نفسه.
ولولا أننا لا نباهى أصحاب عصرنا أطال الله بقاءهم، من الملوك والوزراء الماضين إلّا كلّ من كان عالى الرتبة فى العلاء والمجد، طيب الأحدوثة بالثناء والحمد، لأوردنا فى هذا الفصل ما تتبيّن به مقادير [٣٩٠] التفاوت والفضل ويقوى معه الدليل على ما قدّمناه فى صدر كتابنا هذا من تفضيل زماننا بهم.
لكنّا لا نقيس الفاضل بالناقص ولا المخدج بالكامل ولا العاجز بالقادر ولا النابى بالباتر. لأن الشيء يقاس بما يناسبه ويشبّه بما يقاربه.
ونعود إلى سياقة التاريخ.
[عود سابور بن أردشير إلى الوزارة]
وفيها عاد أبو نصر سابور بن أردشير إلى الوزارة ونظر نحوا من شهرين ثم هرب.
[ذكر ما جرى عليه أمر أبى نصر سابور فى هذه النوبة]
كان بهاء الدولة أنفذ أبا عبد الله العارض وأبا نصر الفاضل إلى مهذّب