للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فعله.

وكان الرجل موسرا فرام أن يفتدى نفسه بمال وزاد حتى بذل بوزن الحطب دراهم فلم يقبل منه وألزمه فعل ما عزم به عليه فقامت الهيبة فى النفوس فلم يقدم بعدها أحد من أصحابه على أذيّة.

وأمّا بصره بوجوه المال فإنّه عمّ وعدل فدرّت عليه ضروع الأعمال وجمع من الذخائر والأموال من بلاد محدودة محصورة مالا يكاد يجمع مثله من ممالك واسعة. ولو لم يكن إلّا ما أخذه فخر الملك أبو غالب ابن خلف من قلعته [١] لكان عظيما.

[ذكر رأى سديد فى تدبير الأعمال]

كان من حسن تدبيره أنّه يحفظ الارتفاع من كل ثلم ثم يفرد العشر منه ويجعله موقوفا على المصالح والصدقات.

وأخذ عمّاله بتوفية أمواله [٤١١] أشد أخذ ويخلدهم الحبس على الخيانة فإن علم أنّ عجز المال كان عن آفة وأنّ العامل نقىّ الجيب من خيانة أعطاه من مال الصدقة ما تبرأ به ذمّته من الضمان ويستعين ببعضه على الزمان فلا يقدم أحد على تجاوز الطريقة المرضية فى أداء الامانة وتجنّب الخيانة.

وأما بصيرته بصرف الأموال فى وجوهها فقد تقدّم ذكر ما كان يحمله فى كل سنة بطريق مكة وكانت له صدقات كثيرة فى بلده وأنفق أموالا جمّة فى اتخاذ المصانع وعمل القناطر واستخراج الطريق فى الجبال لوارد وصادر فتذللت بعد أن كانت مانعة ودنت المسافات بعد أن كانت شاسعة مع حزم كامل فى الإنفاق.


[١] . يعنى دزبز فى معجم البلدان ٢: ٥٧٢: دزبز اسم قلعة مدينة سابور خواست دزبز ومنها أخذ فخر الملك أبو غالب أموال بدر بن حسنويه المشهورة (مد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>