- «فإنّى أزيدك خمسمائة، فسر إليهم فى ألف فارس.» فسار من حرّان فى ألف رجل وكأنما يساق إلى الموت. وكان عدىّ رجلا يتنسّك. فلما نزل ذوغان نزل بالناس وأنفذ إلى صالح بن مسرّح رجلا دسّه إليه.
فقال له:
- «إنّ عديّا بعثني إليك يسألك أن تخرج من هذا البلد وتأوى بلدا آخر وتقاتل أهله، فإنّ عديّا للقائك كاره.» فقال صالح:
- «ارجع إليه، فقل له: إن كنت ترى رأينا فأرنا من ذلك ما نعرف، ثمّ نحن مدلجون عنك، وإن كنت على رأى الجبابرة وأئمّة السوء، رأينا رأينا. فإمّا بدأنا بك، وإمّا رحلنا إلى غيرك.» فانصرف إليه الرسول، فأبلغه. فقال عدىّ:
- «ارجع إليه فقل له: إنّى والله لا أرى رأيك، ولكنّى أكره قتالك وقتال غيرك من المسلمين، فقاتل غيرى.»[٣٢٥]
ذكر مكيدة صالح على عدىّ
فقال صالح لأصحابه: اركبوا. فركبوا. وحبس الرجل عنده حتّى خرجوا، ثمّ تركه ومضى بأصحابه حتّى أتى عديّا فى سوق ذوغان وهو قائم يصلّى الضحى، فلم يشعر إلّا والخيل طالعة عليهم. فلما دنا صالح منهم رءاهم على غير تعبئة، وقد تنادوا، وبعضهم يجول فى بعض. فأمر شبيبا، فحمل عليهم فى كتيبة، ثمّ أمر سويدا، فحمل فى كتيبة، وكانت هزيمتهم. وأتى عدىّ بدابّته فركبها، ومضى على وجهه، واحتوى صالح على عسكره وما فيه. وذهب فلّ عدىّ حتّى