للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٢٣] لما رأيت من المنكر والفساد فى الأرض. فقمت إليه، فقلت:

- «يا أمير المؤمنين، كيف ترى السيرة فى هؤلاء الظلمة؟ أنقتلهم قبل الدعاء، أم ندعوهم قبل القتال؟ فإنّى أخبرك برأيى فيهم قبل أن تخبرني برأيك فيهم. إنّا نخرج على قوم طاغين باغين، قد تركوا أمر الله، أو راضين بذلك، فأرى أن تضع [١] فيهم السيف.» فقال:

- «لا، بل ندعوهم، فلعمرى، لا يجيبك إلّا من يرى رأيك، وليقاتلنّك من يزرى عليك، والدعاء أقطع لحجّتهم، وأبلغ فى الحجة لك عليهم.» قال: فقلت له:

- «فكيف ترى فى من قاتلنا فظفرنا به، وما تقول فى دمائهم وأموالهم؟» فقال:

- «إن قاتلنا وغنمنا فلنا، وإن تجاوزنا وعفونا، فموسّع علينا ولنا.» فأحسن لنا القول.

ثمّ قال صالح لأصحابه ليلته:

- «اتّقوا الله عباد الله، ولا تعجلوا إلى قتال أحد من الناس إلّا أن يكونوا يريدونكم، فإنّكم خرجتم غضبا لله حيث انتهكت محارمه، وعصى فى الأرض، وسفكت الدماء بغير حقّها، وأخذت الأموال غصبا، فلا تعيبوا على قوم أعمالا ثمّ تعملوا بها. وهذه دوابّ لمحمد بن مروان فى هذا الرستاق، فابدءوا بها، فاحملوا رجلكم وتقوّوا بها على عدوّكم.» [٣٢٤] ففعلوا ذلك وتحصّن منهم أهل دارا، وبلغ خبرهم محمد بن مروان، وهو يومئذ أمير الجزيرة، فاستخفّ بأمرهم، وبعث إليهم عدىّ بن عميرة فى خمسمائة، وكان صالح فى مائة وعشرة، فقال عدىّ:

- «أصلح الله الأمير، تبعثني إلى رأس الخوارج ومعه رجال سمّوا لى، وإنّ


[١] . نضع: كذا فى الأصل وهو الصحيح. وما فى مط: تصنع. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>