وبدأ أمر الحاكم يقوى وأمر أبى الفتوح يضعف، وبان له تغيّر آل الجرّاح عليه، وانضاف إلى ذلك ورود الخبر بنزول ابن عمّه على ملكه طالبا موضعه.
[ذكر تحاسد بين الأهل عاد بوبال [٣٤١]]
كان لأبى الفتوح ضدّ من بنى عمّه يعرف بابن أبى الطيب يخاطب بالإمرة وبينهما تحاسد وتنازع. فكتب إليه الحاكم فى هذا الوقت وقلّده الحرمين وأنفذ له ولشيوخ بنى حسن مالا وثيابا.
فسار مع من انضوى إليه من بنى عمّه إلى مكّة وبها صاحب أبى الفتوح، فنازله وأسرعت النجب إلى أبى الفتوح بالخبر، فازداد قلقا وخاف خروج الحرمين من يده.
وكان حسّان قد أنفذ والدته فى أثناء هذه الخطوب إلى مصر بتذكرة تتضمن أغراضه وسأل فى جملتها أن تهدى له جارية من إماء القصر. فأجابه الحاكم إلى جميع ما سأل من إقطاع وتقرير وأمضاه، وكتب له أمانا بخطّ يده وأهدى له جارية جهّزها بما بلغ قيمته مالا عظيما. فعادت والدة حسّان إليه بالرغائب له ولأبيه، فسرّ بذلك وأظهر طاعة الحاكم ولبس خلعه.
وعرف أبو الفتوح الحال فأيس معها من نفسه، فركب إلى المفرج مستجيرا به وقال:
- «إنّما فارقت نعمتي وأبديت للحاكم صفحتي سكونا إلى ذمامك، وأنا الآن خائف من غدر حسّان، فأبلغنى مأمنى وسيّرنى إلى وطنى.» فحفظ المفرج ذمامه وضمّ إليه من أجازه وأدّى القرى. فتلقّاه بنو حسن وأصحابه ومضوا إلى مكة واستقامت أموره بها وكاتب الحاكم واعتذر إليه فقبل عذره. وأمّا الوزير أبو [٣٤٢] القاسم فإنّه استجار بالمفرج حتى سيّره إلى العراق.