بسمعي مرّة.» وقد صدق رحمه الله فإنّى كنت أنشده لنفسي الأبيات التي تبلغ عدتها ثلاثين وأربعين فيعيدها بعد ذلك مستحسنا وربما سألنى عنها ويستنشدنى شيئا منها فلا أقوم بإعادة ثلاثة أبيات منتظمة على نسق حتى يذكّرنيها ويعيدها.
وحدّثنى غير مرّة أنّه كان فى حداثته يخاطر رفقاءه والأدباء الذين يعاشرهم على حفظ ألف بيت فى يوم واحد وكان- رحمه الله- أثقل وزنا وأكثر قدرا من أن يتزيّد فقلت له:
- «كيف كان يتأتّى لك ذلك.» فقال: «كانت لى شريطة، وهي أن يقترح علىّ من شعر لم أسمع به ألف بيت فى يوم واحد، يكتب وأحفظ منه عشرين عشرين وثلاثين ثلاثين أعيدها وأبرأ من عهدتها.» فقلت: «وما معنى البراءة من عهدتها.» قال: «لا أكلّف إعادتها بعد ذلك.» قال: «فكنت أنشدها مرّة أو مرتين وأسلمها ثم اشتغل بغيرها حتى أفرغ من الجميع فى اليوم الواحد.»
أمّا أدبه وعلمه
وأمّا كتابته فمعروفة من رسائله المدونة ومن كان مترسلا لم يخف عليه علوّ طبقته فيها، وكذلك شعره الذي جدّ فيه وهزل. فإنّه فى أعلى درجات الشعر وأرفع منازله.
فأمّا تأويل القرآن وحفظ مشكله ومتشابهه والمعرفة باختلاف فقهاء