للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن شيرزاد وحق بيت [١] المال فى ضياع الرعية وصار أكثر السواد مغلقا وزالت أيدى العمّال عنه [١٣٦] وبقي اليسير منه من [٢] المحلول فضمّن واستغنى عن أكثر الدواوين فبطلت وبطلت أزمّتها وجمعت الأعمال كلّها فى ديوان واحد.

[ذكر ما انتهى إليه هذا التدبير من سوء العاقبة وخراب البلاد وفساد العساكر وسوء النظام]

إنّ التدبير إذا بنى على أصول خارجة عن الصواب وإن خفى فى الابتداء ظهر على طول الزمان. ومثل ذلك مثل من ينحرف عن جادّة الطريق انحرافا يسيرا ولا يظهر انحرافه فى المبدأ حتى إذا طال به المسير بعد عن السمت وكلّما ازداد إمعانا فى السير زاد بعده عن الجادة وظهر خطاؤه وتفاوت أمره.

فمن ذلك أنّه أقطع أكثر أعمال السواد على حال خرابه ونقصان ارتفاعه وقبل عودته إلى عمارته. ثم سامح الوزراء المقطعين وقبلوا منهم الرشى وأخذوا المصانعات فى البعض وقبلوا الشفاعات فى البعض فحصلت الإقطاعات لهم بعبر متفاوتة.

فلمّا أتت السنون وعمرت النواحي وزاد الارتفاع فى بعضها بزيادة الغلّات ونقص فى بعضها بانحطاط الأسعار- وذلك أنّ الوقت الذي أقطع فيه الجند الإقطاعات كان السعر مفرط الغلاء للقحط الذي ذكرناه- فتمسّك الرابحون بما حصل فى أيديهم من إقطاعاتهم ولم يمكن الاستقصاء عليهم فى العبرة.

وردّ الخاسرون إقطاعاتهم [١٣٧] فعوّضوا عنها وتمّمت لهم نقائصها واتّسع


[١] . بيت: مكان الكلمة بياض فى الأصل، وقرئت فى مد بالسياق وهي موجودة فى مط.
[٢] . فى مط: فى، بدل «من» .

<<  <  ج: ص:  >  >>