دمشق، ثمّ مرج الصفر. فلقى غسّان وعليهم الحارث بن الأيهم، فانتسف عسكرهم وعيالاتهم وبعث بالأخماس إلى أبى بكر، ثمّ خرج حتى نزل مياه بصرى، فكانت أوّل مدينة فتحها خالد من الشام بمن معه من جنود العراق، فخرج منها فوافى المسلمين بالواقوصة في عشرة آلاف.
ولما تراءى العسكران بعث القيقلار [١] أخو ملك الروم- وهو صاحب الجيش- رجلا عربيّا من قضاعة وقال له:
- «ادخل في هؤلاء القوم، فأقم فيهم يوما وليلة، ثمّ ائتني بخبرهم.» فدخل في الناس رجل عربىّ لا ينكر، فأقام فيهم، ثمّ أتاه.
فقال:«مه، ما وراءك؟» قال: «هم رهبان بالليل فرسان [٣٢٠] بالنهار، لو سرق ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجموه إقامة للحدّ.» فقال القيقلار: «لئن كنت صادقا لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها.»
[المثنى بن الحارثة وشهربراز قائد الفرس]
فأمّا المثنى بن حارثة، فكان من حديثه بعد خالد بن الوليد: أنّ الفرس اجتمعوا على شهربراز بن أردشير بن شهريار بن أبرويز، ووجدوه بميسان، فوجّه إلى المثنّى جندا عظيما عليهم هرمز المعروف بجاذويه في عشرة آلاف، ومعه فيل، فكتبت المسالح بإقباله، فخرج المثنى من الحيرة، وضمّ إليه المسالح.
وكتب شهربراز إلى المثنّى:
- «إنّى قد بعثت إليك جندا من وحش أهل القرى، إنّما هم رعاة الدجاج
[١] . في الطبري: القبقلار، وفي حواشيه: القنقلال، القنقلار، القيقلان، القلنقار (٤: ٢١٢٥) .