فلمّا حصل بواسط واجتمع مع قراتكين وواقفه على ما ورد فيه قبض على الجماعة الحاضرين والغائبين فى يوم واحد بتدبير دبّره وبقوم قدم إنفاذهم إلى كل من عاتبا على ميعاد قرّره ومقدار وقته.
ورأى أن يسلك مع أبى عبد الله على طريق المياسرة والمقاربة، فأحتسب له بجميع الظاهر [١٨٧] المأخوذ منه فى جملة مال المطالبة واعتمد مع إخوته إظهار بعض التشديد والاستقصاء ثم سهّل أمورهم عند التحقيق والإستيفاء وعلم أنّ أعمال السلطان عوارىّ، فتساهل وقارن وجامل وقارب.
فمن أحسن فإنّما يحسن لنفسه ومن أساء إنّما يسيء إليها، والعارية فى الحالين مردودة، وأيام لبثها عند المعار معدودة، ومهما سلكه الإنسان من طريق فنجاحه فيه بهداية وتوفيق.
ذكر مسير شرف الدولة من الأهواز لمّا استتبّت له الأمور بواسط
سار إليها فى عساكر كثيرة بالجموع الظاهرة التجمل وكانت زينته وأهبته فى صاحته [١] من كل نوع على أحسن ما شوهد فقيل: إنّ جماله كانت ثلاثة عشر ألف رأس وجمال عسكره أكثر من هذا العدد وغلمان خيوله مع الخدم ألف وثمانمائة ما بين غلام وخادم إلى ما يتبع ذلك ويشاكله من كلّ ما يكون للملوك المخوّلين والسلاطين المموّلين.
يقول صاحب التاريخ هذا القول ويستكثر هذا القدر. ولو أدرك هذه الدولة القاهرة ورأى سلطانها وغلمانها وأركانها [١٨٨] وعدّتها ورجالها وزينتها وأموالها لعلم أنّ الذي استكثره فى قبيل الإقلال، ولأقرّ أنّ البحر لا يقاس