للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا دخل مكّة لم يلبث أن مات، وسلم محمّد.

ولمّا مات المنصور، وكان ذلك لستّ خلون من ذى الحجّة، كتمه الربيع، وأحضر أهل بيته وذوى الأسنان منهم، ثمّ أحضر عامّتهم، وأخذ بيعتهم للمهدىّ، ثمّ لعيسى بن موسى من بعده. فلمّا فرغ من بيعتهم، دعا بالقوّاد حتّى بايعوا. ولم يتكلّم أحد إلّا علىّ بن عيسى بن ماهان، فإنّه أبى عند ذكر عيسى بن موسى أن يبايع، فلطمه محمّد بن سليمان وأمصّه [١] وقال:

- «من هذا العلج؟» وهمّ بضرب عنقه، فبايع، ثمّ تتابع الناس بالبيعة.

وتوفّى وله نيّف وستون سنة، واختلف فى النيّف، وكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة.

[ذكر بعض سير المنصور [٤٨٠]]

ذكر الفضل بن الربيع حكاية عن أبيه قال: بينا أنا قائم بين يدي المنصور إذ أتى بخارجى قد هزم له جيوشا، فأقامه ليضرب عنقه، ثمّ اقتحمته عينه فقال:

- «يا بن الفاعلة، مثلك يهزم الجيوش؟» فقال له الخارجي:

- «ويلك، سوءة لك، بيني وبينك أمس السيف والقتل، واليوم القذف والسبّ، ما كان يؤمنك أن أردّ عليك وقد يئست من الحياة فلا تستقيلها أبدا.» قال: فاستحيى منه المنصور فأطلقه، وما رأى أحد وجهه حولا.

وحكى سلّام الأبرش قال: كنت وأنا وصيف [٢] وغلام آخر نخدم المنصور، وكان من أحسن الناس خلقا ما لم يخرج للناس وأشدّهم احتمالا


[١] . فى آومط: وأمضه. والطبري (١٠: ٣٨٩) كالأصل.
[٢] . فى آ: كنت أنا ووصيف وغلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>