فقال الأحنف:«لا تمح اسم أمارة أمير المؤمنين، فإنّى أتخوّف إن محوتها، لا ترجع إليك، وإن قتل الناس بعضهم بعضا.» فأبى علىّ مليّا من النهار.
ثم إنّ أشعث بن قيس قال:«امح هذا الإسم، نزحه الله [١] .» فمحى، فقال علىّ:
- «الله أكبر، سنّة بسنّة، ومثل بمثل، والله، إنّى لكاتب رسول الله يوم الحديبيّة، إذ قالوا: لا نشهد لك [١٥] أنك رسول الله، فامح هذا، واكتب اسمك واسم أبيك.
فكتبه.» فقال عمرو بن العاص: «نشبّه بالكفار ونحن مؤمنون.» فقال له علىّ: «يا ابن النابغة، ومتى لم تكن للفاسقين وليّا، وللمسلمين عدوّا، وهل تشبه إلّا أمّا دفعت بك؟» فقام وقال: «لا يجمع بيني وبينك مجلس أبدا بعد هذا اليوم.» فقال علىّ: «وإنّى لأرجو أن يطهّر الله مجلسي منك ومن أشباهك.» فقال الأحنف:
- «أيها الرجل، إنّه ما لك ما كان لرسول الله، وإنّا- والله- ما حابيناك ببيعتنا، ولو علمنا أحدا من الناس أحقّ بهذا الأمر منك لبايعناه، ثم قاتلناك، وإنّى أقسم بالله، لئن محوت هذا الإسم عنك، والذي بايعك الناس عليه وقاتلتهم، لا يعود إليك أبدا.» قال الحسن البصرىّ:
[١] . نزحه الله: كذا في الأصل ومط، وفي الطبري (٦: ٣٣٣٥) : برّحه الله. وفي حواشيه: ترحه الله! نزحه الله، أى: أبعده، وبرّحه الله: أزاله الله.