للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ تتابع مجيء الزنج [١] الذين كانوا أقاموا مع الخبيث إلى آخر أمره وصبروا معه حتّى وافى ذلك اليوم الذي قتل فيه ألف من الأبطال. فرأى الموفّق أن يبذل لهم الأمان لمّا رأى من كثرتهم وشجاعتهم [٥٥٠] ولئلّا يبقى منهم بقية يخاف معرّتهم ويجتمعون على رئيس يعظم خطبه بهم.

ثمّ وافى من الزنج فى غد هذا اليوم خمسة آلاف زنجى وانقطع منهم نحو ألفى زنجى إلى البرّ فماتوا عطشا، وظفر الأعراب بقوم منهم فاسترقّوهم. فأمّا من قتل وغرق وأسر فى الوقعة فخلق لا يوقف على عددهم.

وانتهى إلى الموفّق خبر المهلّبى وانكلائى ومقامهما بحيث أقاما فيه مع من تبعهما من جلّة قوّادهم ورجالهم فبثّ أبطال أصحابه فى طلبهم فلمّا علموا ألّا ملجأ لهم أعطوا بأيديهم فظفر بهم الموفّق فلم يشذّ منهم أحد وأمر الموفّق بحبس المهلّبى وانكلاى والاستيثاق منهما.

[استئمان درمويه]

وفيها استأمن درمويه [٢] ، الزنجي وكان أحد الأنجاد الأبطال وكان الخبيث قبل هلاكه بمدّة طويلة وجّهه إلى أواخر نهر الفهرج وهي من البصرة فى غربىّ دجلة.

فلمّا هلك الخبيث أقام درمويه هناك فى موضع وعر كثير الدغل والآجام متصل بالبطيحة فكان يقطع الطريق بمن معه فى زواريق خفاف اتخذوها، فإذا طلبهم الشذاءات ولجوا فى الأنهار الضيّقة واعتصموا بالأدغال وإذا تعذّر


[١] . انظر الطبري (١٣: ٢٠٩٤) .
[٢] . كذا ضبط فى الأصل: درمويه على غرار ليثويه، كما سبق. وهو ضبط حسب الأصل الفارسي لهذه اللاحقة (أويه) ، التي نجدها أيضا فى لقب المصنف: مشكويه (مسكويه) حسب ضبطه الفارسىّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>