للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر مكيدة عباس بن سهل بأصحاب المختار]

ثمّ جاء عباس بن سهل، فنزل بالماء، وبعث إلى ابن ورس بجزر [١] كانت معه، فأهداها له مع دقيق وغنم مسلّخة، وكان ابن ورس وأصحابه قد هلكوا جوعا، وبعث عباس إلى كلّ عشرة منهم شاة، فذبحوها واشتغلوا بها، وتركوا تعبئتهم، واختلطوا على الماء.

فلما رأى عباس بن سهل أنهم قد شغلوا، جمع من أصحابه نحوا من ألف رجل من ذوى البأس والنجدة، ثمّ أقبل نحو فسطاط شرحبيل بن ورس، فلما رءاهم ابن ورس مقبلين إليه، نادى فى أصحابه، فلم تتواف إليه مائة رجل. حتّى انتهى إليه عباس وهو يقول:

- «يا شرطة الله، إلىّ إلىّ، قاتلوا المحلّين أولياء الشيطان الرجيم، فقد غدروا، وفجروا.» قال: فو الله ما اقتتلنا إلّا شيئا [٢٣٤] ليس بشيء، حتّى قتل ابن ورس فى سبعين من أهل الحفاظ، ورفع ابن سهل راية الأمان لأصحاب ابن ورس، فأتوها إلّا نحوا من ثلاثمائة رجل انصرفوا مع سلمان بن حميد [٢] الهمدانىّ.

فلما وقعوا فى يد عباس بن سهل أمر بهم فقتلوا إلّا نحوا من مائة رجل كره ناس ممن دفعوا إليهم قتلهم، فخلّوا سبيلهم، فرجعوا، فمات أكثرهم فى الطريق.

وبلغ المختار أمرهم، فخطب الناس وقال:

- «ألا، إنّ الفجّار الأشرار قتلوا الأبرار الأخيار.»


[١] . بجزر: كذا فى الأصل. وما فى مط: بحرز (مهملة إلّا فى الحرف الأخير) . وفى الطبري (٨: ٦٩٠) :
بجزائر. والجزر والجزائر: جماعة الجزور. والجزور ما يصلح لأن يذبح من الإبل.
[٢] . حميد: كذا فى الأصل ومط. وما فى الطبري (٨: ٦٩١) : سلمان بن حمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>