ووجدوا بالمدائن قبابا تركية مملوءة سلالا مختمة بالرصاص، قالوا: فما حسبناها إلّا طعاما من حلواء، فإذا هي آنية الذهب والفضّة! وقسمت بعد في الناس.
قال حبيب: لقد رأيت رجلا يطوف ويقول:
- «من معه بيضاء بصفراء.» ولقد أتينا على كافور كثير. فما حسبناه إلّا ملحا، فجعلنا نعجّن به الدقيق حتى وجدنا مرارته في الخبز! ولما انتهى زهرة في المقدمة إلى النهروان [٣٩٠] وجدهم قد ازدحموا، فوقع بغل في الماء كلبوا عليه. فقال زهرة:
- «إنى أقسم بالله انّ لهذا البغل لشأنا ما كلب عليه القوم، ولا صبروا للسيوف بهذا الموقف الضنك إلّا لأمر.» وإذا الذي عليه خرزات كسرى ووشائحه، وعليها من الجواهر ما لا تعرف قيمته، وكان يجلس فيها يوم المباهاة.
فترجّل زهرة يومئذ حتى أزاحهم عن البغل، فاحتمله هو وأصحابه، وجاءوا بما عليه إلى صاحب الأقباض، لا يدرون ما عليه حتى فتح هناك.
[تاج كسرى وأدراعه]
وحكى هبيرة بن الأشعث عن جدّه قال:
كنت ممن خرج في الطلب، فإذا ببغلين فذاد راكباهما عنهما بالنشّاب [١] ، ونظرت، وإذا لم يبق معهما غير نشّابين. فألححت بهما، فاجتمعا، فقال أحدهما
[١] . مط: مكان «فذاد» إلى «بالنشّاب» : «قد أدركناهما عنهما بالنشاب» وفي الطبري: قد ردّا (ذبّا) الخيل عنهما بالنشاب (٥: ٢٤٤٦) .