للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر خيانة فى مشورة جرّت نكبة

كان عادة أبى نصر إذا أنفذ إلى الرىّ وقرب منها أن يتلقّاه الصاحب أبو القاسم ابن عباد وإذا رآه أبو نصر أن يترجّل له فلمّا [٢٩] خرج فى هذا الوقت مع زيار أحبّ أن يفعل مثل فعله لئلا يكون له، فى الامتناع منه زيادة رتبة عليه. فقال له زيار قول المستشير:

- «ما الذي ترى أن تفعل فى خدمة الصاحب إذا لقيته؟» فقال: «أنت أعلم، إلّا أنّ عضد الدولة ينزله المنزلة الكبيرة ويؤثر أن يقضى حقّه، والذي أفعله أنا الترجل له ومتى فعلت ذلك لم تأمن أن يفعل مثل ذلك.» فحمل زيارا على أن يترجّل له عند خروجه لتلقّيه ولم يترجّل الصاحب ولا كان ممن ينقاد لهذا أو يسمح به وإنّما خدعه أبو نصر حتى تمّ غرضه.

وبلغ عضد الدولة ذلك فغاظه غيظا عظيما أسرّه إشفاقا من أن يتأدّى الى الصاحب أبى القاسم فيه ما يوحشه، فلما ورد أبو نصر وفى قلب عضد الدولة من [١] هذا الأمر ما فيه اطّرحه وأعرض عنه ثم قبض عليه بعد مدة وحمله الى بعض القلاع بفارس.

ولقابوس أبيات قالها بعد الهزيمة مستحسنة:

قل للّذى بصروف الدّهر عيّرنا ... هل عاند الدّهر إلّا من له خطر

أما ترى البحر تطفو فوقه جيف ... ويستقرّ بأقصى قعره الدّرر

فان تكن نشبت أيدى الخطوب بنا ... ومسّنا من توالى صرفها ضرر [٣٠]


[١] . فى الأصل ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>