للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تسكن نفس أبى تغلب إلى أن يلقاه [١] فأنفذ [٤٩٠] إليه طائفة من عسكره على سبيل النجدة والمعونة وأقام بحصن زياد ينتظر. فالتقى الجيشان من الروم وانهزم ورد واتصل ذلك بأبى تغلب فيئس منه وعاد إلى بلاد الإسلام ونزل بآمد شهرين إلى أن فتحت ميافارقين.

شرح الحال فى ميّافارقين وفتحها

قد كنّا ذكرنا تجاوز أبى الوفاء ميافارقين طالبا لأبى تغلب فلما هرب إلى بلاد الروم وتفرّد أبو حرب طغان الحاجب بطلبه والمسير فى أثره عاد إليها فبرز إليه هزار مرد على أن يواقعه فلم تكن له به طاقة [٢] فعاد إلى التحصن فى المدينة.

فاقتضى الرأى عند أبى الوفاء أن كرّ إلى أرزن فحاصرها ثلاثة أيام وضعف من فيها عن المقاومة ففتحوها له ودخلوا فى أمانه وطاعته ولم يزل بسائر الحصون المقاربة لها حتى استغرقها وانكفأ حينئذ إلى ميافارقين وناصبه من فيها الحرب ثلاثة أشهر وكسرا وهجم البرد عليه وسقطت الثلوج فاحتمله وصبر. ونصب عليه وعلى عسكره من داخل السور منجنيقات فثبت لها وقابلها بمنجنيقات مثلها ورماهم بالنار والحجارة وهو فى خلال ذلك يفتح الحصون المقاربة لها ويستأمن أهلها ومن فيها من غلمان أبى تغلب المرتبين حتى قضى الله وفاة هزارمرد فكوتب أبو تغلب بذلك فكتب بأن ينصب مكانه غلام من الحمدانية كان مضموما إليه يقال له مونس.

وكان بالبلد قاض جاهل متهور ليس [٤٩١] فيه من أدوات القضاء شيء يقال له: أبو الحسين المبارك بن ميمون، ويعرف بابن أبى إدريس. فاستولى


[١] . كذا فى الأصل ومط: يلقاه. والمثبت فى مد: تلقاه.
[٢] . فى مط: طاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>