للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث به هرثمة إلى المأمون وزحف هرثمة فنزل النهروان.

[استئمان جماعة من أصحاب طاهر إلى محمد]

واستأمن إلى محمد جماعة من أصحاب طاهر، ففرّق محمد فيهم مالا عظيما وقوّد منهم جماعة وغلّل لحاهم بالغالية فسمّوا قوّاد الغالية.

وكان سبب استئمان أصحاب طاهر ما كان يبلغهم من عطاء محمد وبذله الأموال والكسى. فخرج من عسكر طاهر نحو من خمسة آلاف رجل من أهل خراسان فسرّ بهم محمد، ووعدهم ومنّاهم وأثبت أسماءهم فى الثمانين، ودسّ محمد إلى أصحاب طاهر، وفرّق فيهم الجواسيس وأطمعهم، فشغبوا على طاهر، وراسل طاهر عيونه وجواسيسه ببغداد بأن يغرى أصاغرهم بأكابرهم، لأنّه فرّق فى الأكابر خاصّة مال، فشغبوا على محمد.

ثمّ أخرج محمد المستأمنة [٩٨] مع خلق كثير- ومع كلّ عشرة أنفس منهم طبل- إلى طاهر، فأرعدوا وأجلبوا [١] حتّى أشرفوا على نهر صرصر فعبّى طاهر أصحابه كراديس وجعل يمرّ على كردوس كردوس فيقول:

- «لا يغرنّكم كثرة من ترون، فإنّ النصر مع الصدق والفلح مع الصبر.» ثمّ أمرهم بالتقدّم، فصبر الفريقان ثمّ انهزم أهل بغداد وانتهبهم أصحاب طاهر، ثمّ كثر الشغب على محمد ونقب أهل السجون سجونهم وخرجوا، وفتن الناس، ووثب على أهل الصلاح الدعّار والشطّار، فعزّ الفاجر وذلّ المؤمن واختلّ الصالح وساءت حال الناس، إلّا من كان فى عسكر طاهر، لتفقّده الأمور، وغادي القتال وراوحه حتّى خربت بغداد، وتواكل الفريقان وقاتل الأخ أخاه والابن أباه واحترب الناس [٢] .


[١] . والعبارة فى الطبري (١١: ٨٦٥) : فأرعدوا، وأبرقوا، وأجلبوا، ودبّوا.
[٢] . احترب الناس: أوقدوا نار الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>