مراسهم حتى إنّ عضد الدولة وعزّ الدولة قبله أقطعاهم إقطاعات بواسط وسقى الفرات. فكانت مآربهم تقضى ومطالبهم تمضى وأبو بكر ابن شاهويه صاحبهم يجرى بالحضرة مجرى الوزراء فى حاله، والإصغاء من الملوك راجع إلى أقواله، وأكابر الناس يخشونه مجتملين لكبره منقادين لأمره، ولا سبب إلّا اعتزاؤه إلى هؤلاء القوم.
ذكر ما جرى عليه أمر اسحق وجعفر القرمطيّين
لما ورد الخبر باستيلائهما على الكوفة بدأهما أبو الريان بالمكاتبة وسلك معهما طريق الملاطفة والمعاتبة ودعاهما إلى الموادعة والمقاربة وبذل لهما ما يحاولانه. وعوّل على أبى بكر ابن شاهويه فى [١٦٤] الوساطة معهما وكان قد أطلقه من الاعتقال وتلافى بالإحسان إليه والإجمال. فعدلا فى الجواب الى التعليل والتدفيع، وجعلا ما كان من القبض على ابن شاهويه حجّة فى اللوم والتقريع، وزاد الخطب معهما فى بثّ أصحابهما فى الأعمال ومدّ أيديهما الى استخراج الأموال، حتى لم يبق للصبر موضع ولا فى القوس منزع.
وحصل المعروف بأبى قيس الحسن بن المنذر وهو وجه من وجوه قوّادهم بالجامعين فى عدد كثير، فجرّد إليهم من بغداد أبو الفضل المظفر بن محمود الحاجب فى عدّة من الديلم والأتراك والعرب وأخرج أبو القاسم ابن زعفران إلى ابراهيم بن مرح العقيلي لتسييره فى طائفة من قومه.
وحصل أبو الفضل الحاجب بجسر بابل والقوم بإزائه فعقدوا جسرا على الفرات. فإلى أن فرغ منه وصل ابراهيم وابن زعفران وحصلا مع القرامطة على أرض واحدة وتناوشوا وتطاردوا وفرغ الجسر وعبر سرعان الخيل من الأتراك وفرسان الديلم وحملوا مع ابراهيم بن مرح وأصحابه على القوم