لمّا انصرف إيتاخ من مكّة راجعا إلى العراق وجّه المتوكّل إليه سعيد بن صالح [١] الحاجب مع كسوة وألطاف، وأمره أن يلقاه بالكوفة وقد تقدّم المتوكل إلى عامله على الشرطة ببغداد بأمره فيه.
فذكر إبراهيم بن المدبّر أنّه خرج مع إسحاق بن إبراهيم فى تلقّى إيتاخ وكان أراد أن يأخذ طريق الفرات إلى الأنبار ثمّ يخرج إلى سرّ من رأى.
فكتب إليه إسحاق:
- «إنّ أمير المؤمنين قد أمر أن يدخل بغداد وأن يلقاك بنو هاشم ووجوه الناس وأن تقعد لهم فى دار خزيمة بن خازم فتأمر لهم بجوائز.» قال: فخرجنا حتّى إذا كنّا بالياسريّة [٣٢٨] وقد شحن إسحاق بن إبراهيم الجسرين بالجند والشاكرية، وخرج فى خاصّته وطرح له بالياسرية صفّة فجلس عليها وأقبل قوم قد رتّبهم فى الطريق. كلّما صاروا إلى موضع أعلموه، حتّى قالوا:
- «قد قرب منك.» فركب فاستقبله. فلمّا نظر إليه أهوى إسحاق لينزل. فحلف عليه إيتاخ أن لا يفعل. وكان إيتاخ فى نحو ثلاثمائة من أصحابه وعليه قباء أبيض متقلّدا سيفا بحمائل، فسارا جميعا حتّى إذا صار عند الجسر تقدّمه إسحاق عند الجسر وعبر حتّى وقف على باب خزيمة بن خازم. فقال لإيتاخ: