للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى فخر الدولة أنّ من الصلاح الإشراك بينهما فى النظر. فسامح أبا على ابن حمولة بألفي ألف درهم من جملة الثمانية التي بذلها وسامح أبا العباس بمثلها من الستّة، وقرّر عليهما جميعا عشرة آلاف ألف درهم وجمع بينهما فى النظر وخلع عليهما خلعتين متساويتين ورتّب أمرهما على أن يجلسا فى دست واحد ويوقّعا جميعا: فيوما يوقّع هذا ويعلم [١] ذاك ويوما يوقع ذلك ويعلم هذا. ووقع التراضي بذلك ونظرا فى الأعمال.

وقبضا على أصحاب ابن عباد وتتبّعا كلّ من جرت مسامحة باسمه فى أيّامه وقرّرا المصادرات فى البلاد، وأنفذا أبا بكر ابن رافع إلى استراباذ ونواحيها بمثل ذلك.

[ما فعله ابن رافع فى إستراباذ]

فقيل: إنّه جمع الوجوه وأرباب الأحوال وأخّر الإذن لهم [٣٧٦] حتى تعالى النهار واشتدّ الحرّ ثم أطعمهم طعاما أكثر ملحه ومنعهم الماء عليه وبعده، وطالبهم بكتب خطوطهم بما يصحّحونه. فلم يزل يستام عليهم وهم يتلهّفون عطشا إلى أن التزموا عشرة آلاف ألف درهم.

واجتمع لفخر الدولة فى الخزائن والقلاع ما كثّره المقلّلون. ثم تمزّق بعد وفاته فى أقرب مدّة فلم يبق منه بقيّة.

وكذاك مال كلّ ثروة ذميمة المكاسب، ومصير كلّ زهرة خبيثة المنابت.

فلئن عمر خزائنه لقد خرب محاسنه. ولئن جمع المال الجزيل لقد ضيّع الذكر الجميل. ثم لم يحظ من ذلك إلّا بالأوزار التي احتقبها والآثام التي اكتسبها. وقبّح الأحدوثة التي علقت بأخباره سماتها، وبقيت على الأيّام


[١] . وفى مد: يعلّم (بالضبط) .

<<  <  ج: ص:  >  >>