صمصام الدولة إليه وقبّل الأرض بين يديه وردّه [١٨١] بعد خطاب جرى بينهما فى العزاء والشكر.
ودخلت سنة ستّ وسبعين وثلاثمائة
فيها وقع الخوض مع أبى نصر خواشاذه فى إنجاز ما وعد به وإحكام قواعده ومبانيه، فأجيب إلى جميع ما تضمنته التذكرة إلّا إنفاذ الأمير أبى نصر، فإنّه أرجى أمره إلى أن يستبين أمر الصلح.
[ذكر ما تقرر الأمر عليه مع أبى نصر خواشاذه فى ذلك]
قرّرت أقسام الصلح على أقسام ثلاثة: قسم منها يعمّ الفريقين، وقسمان يخصّ كلّ فريق قسم منها.
فأمّا الأمر الذي يعمّ فهو: تألّف ذات البين حتى لا يدرك طالب نبوة مقصدا فى تنفير، وتصافي العقائد حتى لا يجد جالب وحشة مطمعا فى تكدير، فإن ظهر عدوّ مباين لأحدهما ناضلاه جميعا عن قوس الموافقة والمساعدة ودافعاه المظاهرة والمعاضدة، وأن يمنع كلّ واحد من تعرّض ببلاد الآخر ولا يطمع فيها جندا ولا [١٨٢] يقطع منها حدّا ولا يجير منها هاربا ولا يأوى متحيّزا أو موازيا.
وأمّا ما يخصّ شرف الدولة: فهو أن يوفيه صمصام الدولة فى المخاطبة ما يقتضيه فضل السنّ والتقديم، ويلتزم من طاعته ما يوجبه حتى الإجلال والتعظيم، ويقيم له الخطبة على منابر مدينة السلام وسائر البلدان التي فى يديه ويقدم بعد إقامة دعوة الخليفة عليه.
وأمّا ما يخصّ صمصام الدولة: فهو أن يكفّ شرف الدولة عن سائر ممالكه وحدودها ويمنع أصحابه كافة عن طرقها وورودها وأن يراعيه فى