ونزل البريدي دارا على شاطئ نهر المسرقان ووافاه أهل الأهواز بأجمعهم مهنّئين وداعين وكان يحمّ الربع، وفيمن حضره يوحنّا الطبيب وكان متقدّما فى صناعته.
فقال له أبو عبد الله البريدي:
- «أما ترى يا أبا زكريا حالي؟» فقال له:
- «خلّط- يعنى فى المأكول- لترمى بالأخلاط.» فقال له:
- «أكثر بما خلّطت يا أبا زكريا، قد أرهجت ما بين فارس والحضرة فإن أقنعك ذلك وإلّا ملت إلى الجانب الآخر وأرهجت إلى خراسان.» ولمّا كان فى اليوم الخامس رحل أحمد بن بويه إلى الأهواز وخلّف بعسكر مكرم ثلاثة من القوّاد فأقام أبو عبد الله معه خمسة وثلاثين يوما ثمّ هرب منه فى الماء إلى الباسيان وأقام بها وكاتبه بعتب كثير وتصرّف [٥٧٢] فى ضروب من القول إقامة لحجّة نفسه فيما استعمله ولم يكره المقام عنده لضيق المال فإنّه كان سلّم إلى أبى علىّ العارض ضمانات وخطوطا فصحّ [١] فى شهرين بخمسة آلاف ألف درهم وصحّ منها إلى يوم هربه صدر كثير.
[ذكر السبب فى هرب البريدي]
كان طولب بإحضار عسكره من البصرة على أن ينفذهم إلى إصبهان لمضامّة الأمير أبى علىّ الحسن بن بويه على حرب وشمكير فوافى بأربعة