حتى وصل إليهم وهم غافلون لا يظنّون أنّ أحدا يصل إليهم. فأوقع بهم وقتل وأسر واصطلم ولم يبق من طبقات [٣٨٢] الدعّار فى تلك النواحي أحدا.
وفى هذه السفرة تنكّر عضد الدولة لكوركير فقبض عليه وردّه إلى سيراف واعتقله اعتقالا جميلا فيه بقية للصلح.
[ودخلت سنة احدى وستين وثلاثمائة]
[وزارة أبى الفتح ابن أبى الفضل ابن العميد]
وفيها تمكن الأستاذ الجليل أبو الفتح ابن أبى الفضل ابن العميد رحمهما الله من الوزارة بعد أبيه وفوض إليه ركن الدولة تدبير ممالكه ومكّنه من أعنة الخيل فصار وزيرا وصاحب جيش على رسم والده، إلّا أنّ والده باشر هذه الأمور فى كمال من أدواته وتمام من آلاته على ما شرحناه فيما تقدم، وكان لوفور عقله يدارى أمره مع صاحبه ومع عسكره ثم يسوس رعيّته والممالك التي يراعيها ويدبر الجميع تدبيرا ملائما لوقته موافقا لزمانه فلا يظهر من الزينة وأبّهة الوزارة إلّا بمقدار ما يقيم به مرتبته ولا يجاوز ذلك إلى ما يحسد عليه وينافس، ثم يتواضع تواضعا لا يخرج به إلى غضاضة تلحقه فى جاهه أو تحطّه عن المنزلة العالية التي يرقى إليها وكانت سلامته طول مدته على أصناف الناس وطبقاتهم وقيام هيبته وتمام سياسته متصلة تزيد على الأيام ثناء وثباتا.
[ذكر خصائص أبى الفتح فى خلقه وسياسته]
فأما ابنه أبو الفتح فكان فيه [١] مع رجاحته وفضله فى أدب الكتابة وتيقّظه