للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جموعه، وغنمه جذيمة وانصرف موفورا. فملكت من بعده ابنته

: الزبّاء [١]

واسمها نائلة. وكان جنودها بقايا من العماليق، والعاربة الأولى، وقبائل من قضاعة. فلمّا استحكم حكمها، أجمعت على غزو جذيمة الأبرش تطلب بثأر أبيها. واستشارت أهل الرأى، فأشير عليها بالعدول عن الحرب إلى المكر، وأعلموها [٢] أنّها امرأة، والحرب سجال [٣] بين الرجال، وأنّها لو قد هزمت كان البوار، وأعلموها من غبّ [٤] مباشرة مثلها للحرب، ما كرهته.

وأشارت عليها أختها «زنيبة [٥] » وكانت ذات دهاء وإرب- أن تأتى الأمر من جهة الخدع والمكر، وأن تكتب إلى جذيمة [٨٦] تدعوه إلى نفسها وملكها.

فقبلت ذلك وكتبت إليه:

أنها لم تجد ملك النساء إلّا إلى قبح في السماع، وضعف في السلطان وقلّة ضبط للمملكة، وأنّها لم تجد لملكها موضعا، ولا لنفسها كفؤا «غيرك. فهلمّ إلىّ، واجمع ملكي إلى ملكك، وصل بلادي ببلادك، وتولّ تدبيري كلّه وأمرى، لتموت الضغائن والأحقاد، وتزول عن قلوب الناس ما خامرها من العداوات.» فلما انتهى كتاب الزباء إلى جذيمة، وقدم عليه رسلها بمخاطبات شبيهة بهذا المعنى، استخفّه [٦] ما دعته إليه، ورغب فيما أطمعته فيه، وجمع أهل الرأى من أصحابه، فاستشارهم. فأجمع رأيهم على أن يسير إليها، ويستولى على ملكها.

وكان فيهم رجل يقال له

:


[١] . الزبّاء) Zenobia:المفصّل ٣: ٩٩) .
[٢] . في الأصل: أعلموه.
[٣] . السجال: المباراة، والمفاخرة.
[٤] . الغب من كلّ شيء: عاقبته وأخرته.
[٥] . زنيبة: مهملة في الأصل، والإعجام من الطبري. في مط: «زنيبة» وهي تنطبق على زنوبيا LZenobia أكثر من انطباقها على ما في الطبري (زبيبة) .
[٦] . استخفّه: استفزّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>