على النزول عن الفائت جميعه أو معظمه. فلمّا وصل أبو سعد إلى [٢١٠] الحصباء خيّم بها فحمل إليه سعد أنزالا فلم يقبلها.
ذكر رأى سيّء لأبى سعد من ردّ ما حمله ومكيدة لسعد تمّت عليه
كان من غلط الرأى ما اعتمده أبو سعد من ردّ ما حمله إليه سعد من الأنزال. فإنّ ذلك عاد بسوء ظنّه فيه وأوجس فى نفسه أنّه لم يفعل ذلك إلّا عن قاعدة أحكمت فى طلب مكروهه.
وكان الديلم يميلون إلى سعد ويطيعونه، فأوحشهم من أبى سعد ووضعهم باطنا على الإيقاع به فشغبوا وراسلوا سعدا: بأنّك لم تزل تعدنا وتمطلنا بورود من يرد من حضرة السلطان للنظر فى أمورنا وقد ورد هذا الرجل وما رأينا وجها لما كنّا نتوقعه وبلغنا أنّه معوّل على المسير إلينا لاستنزالنا عن أموالنا وإرضائنا من البقايا وهذا ممّا لا نقنع به.
فأجابهم جوابا ظاهرا أسكتهم به وراسل أبا سعد بأنّ: الصواب أن ترفق بهم إذا راسلوك رفقا لا تلين لهم فيه وتستوفى عليهم استيفاء لا تنفّرهم به.
فلمّا حضره رسلهم [٢١١] غلّظ فى جوابهم فوثبوا به وهمّوا بقتله فهرب وألقى نفسه إلى دجلة فاستنقذ منها إلى بعض السفن وهو مجروح وعبر إلى الجانب الشرقي إلى أن سكنت النائرة. ثم ردّه سعد الحاجب وأنزله داره وأمر بمداواته مما به.
ومضت أيام فاعتلّ سعد الحاجب وقضى نحبه- وقيل إنّ أبا سعد الفيروزآباذي واطأ بعض خواصه على سمّه- فلمّا توفّى ظهر أبو سعد وجلس فى داره واحتاط على ماله وتولّى الأمور إلى أن وصل إليه من الحضرة من اجتمع معه على تحصيل التركة وحملها.