للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصيّة المهلّب إلى ولده حين حضرته الوفاة

قال:

- «عليكم بتقوى الله، وصلة الرحم. اجمعوا أمركم ولا تختلفوا. تبارّوا لتجتمع أموركم. إنّ بنى الأمّ يختلفون وكيف ببني العلّات [١] . وعليكم بالطاعة والجماعة، ولتكن أفعالكم أفضل من أقوالكم، فإنّى أحبّ الرجل أن يكون لعمله فضل على لسانه. واتّقوا الجواب [٢] وزلّة اللسان، فإنّ الرجل تزلّ قدمه فينتعش من زلّته، ويزلّ لسانه فيهلك. وآثروا الجود على البخل [٤٢٩] وأحبّوا العرب، واصطنعوا العرف. فإنّ الرجل تعده العدة فيموت دونك، فكيف الصنيعة عنده! عليكم فى الحرب بالأناة والمكيدة، فإنّها أنفع من الشجاعة، وإذا كان [اللقاء] [٣] ، ونزل القضاء. فإن أخذ رجل بالحزم وظهر على العدوّ، قيل: [أتى] الأمر [٤] من وجهه ثمّ ظفر. وإن لم يظفر بعد الأناة، قيل: ما فرّط ولا ضيّع، ولكنّ القضاء غالب.

وعليكم بقراءة القرآن وتعلّم السنن وآداب الصالحين. وإيّاكم والخفّة وكثرة الكلام فى مجالسكم. اعرفوا حقّ من يغشاكم، فكفى بغدوّ الرجل ورواحه إليكم تذكرة له. وقد استخلفت عليكم يزيد.» فقال المفضّل:

- «لو لم تقدّم يزيد لقدّمناه.» ومات المهلّب وصلّى عليه حبيب، ثمّ سار بالجند إلى مرو. فكتب يزيد إلى


[١] . العلّات: (بفتح العين المهملة وهي مكسورة فى الطبري) جمع مفرده: العلّة: وهي الضرّة. يقال: بنو علّات: أى بنو أمّهات شتى من رجل واحد. وعكسها: أولاد الأخياف. ويقال: هم إخوة أخياف، أى: بنو أخياف. أى أمّهم واحدة والآباء شتى.
[٢] . واتقوا الجواب: كذا فى الأصل ومط والطبري (٨: ١٠٨٣) .
[٣] . فى الأصل ومط: القضا، وهو سهو. وفى الطبري (٨: ١٠٨٣) : اللقاء.
[٤] . فى الأصل ومط: أتاه الأمر. وفى الطبري (٨: ١٠٨٣) : أتى الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>