- «لا أفسد هذه الغزاة.» فلمّا فتحوا عمّورية قال عجيف للعباس:
- «يا نائم كم تنام؟ قد فتحت عمّورية والرجل ممكن، دسّ قوما ينتهبون هذا الخرثىّ، فإنّه إذا بلغه ذلك ركب من ساعته، فتأمر من يقتله هناك.» فأبى عليه العباس وقال:
- «أنتظر حتّى أصير إلى الدرب، فيخلو كما خلا فى البدأة، فهو أمكن منه هاهنا.» وكان عجيف قد أمر من ينتهب المتاع فانتهب الخرثىّ فى عسكر ايتاخ وركب المعتصم وجاء [٢٦٥] ركضا فسكن الناس ولم يطلق العباس لأحد من أولئك الناس أن يتحرّكوا.
ذكر سوء تحفّظ فى القول عاد بهلكة
كان عمر الفرغاني قد بلغه الخبر ذلك اليوم، وكان له قرابة غلام أمرد فى خاصّة المعتصم. فجاء الغلام إلى أولاد عمر يشرب عندهم تلك الليلة، فأخبرهم أنّ أمير المؤمنين ركب مستعجلا وأنّه كان يعدو بين يديه وقال:
- «إنّ أمير المؤمنين غضب فأمرنى أن أسلّ سيفي.» وقال: «لا يستقبلك أحد إلّا ضربته.» فسمع عمر ذلك من الغلام فأشفق عليه أن يصاب فقال له:
- «يا بنىّ أنت أحمق أقلّ من الكينونة عند أمير المؤمنين والزم خيمتك، فإن سمعت صيحة مثل هذه الصيحة فلا تبرح من خيمتك، فإنّك غلام غرّ.» وارتحل المعتصم من عمّوريّة يريد الثغر ووجّه الأفشين صاحبا له فى خلاف طريق المعتصم، وأمره أن يغير على موضع سمّاه له وأن يوافيه فى بعض الطريق، وكان عسكر الأفشين على حدة من عسكر المعتصم بينهما