للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخندق. ففعل ذلك، ووردت قريش بعددها وعدّتها، ووردت الأحزاب، وكثر الناس والأعداء على رسول الله- صلى الله عليه- وكان قد وادع بنى قريظة وهم أصحاب حصون بالمدينة، وصاحب عقدهم وعهدهم كعب بن أسد القرظىّ.

احتيال حيىّ بن أخطب لكعب بن أسد

فاحتال حيىّ بن أخطب لكعب بن أسد، حتى وصل إلى حصنه، فأغلق كعب دونه باب الحصن، وقال:

- «بيني وبين محمّد عقد، ولن أنقض ما بيني وبينه.» قال: «افتح الباب أكلّمك.» فقال: «ما أنا بفاعل.» فقال: «والله إن أغلقت دوني الباب إلّا على جشيشتك [١] أن آكل معك منها.» فأحفظ [٢] الرجل حتى فتح له. فقال:

- «ويحك يا كعب! جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنختهم بالمدينة.

وجئتك [٢٧٤] بغطفان على قادتها وسادتها، وقد عاهدوني ألّا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه.» فتأبّى كعب، ولم يزل به، يفتله [٣] في الذروة والغارب، حتى أعطاه عهدا من الله وميثاقا أن يكون معه. ونقض كعب ما بينه وبين رسول الله- صلى الله عليه- وبرئ مما كان عليه له [٤] .


[١] . الجشيشة: طعام مطبوخ من الحنطة المطحونة طحنا جليلا، بلحم أو تمر.
[٢] . أحفظه: أغضبه.
[٣] . مط: يقبله! قوله: «لم يزل به يفتله في الذروة والغارب» أى ما زال يخادعه ويتلطّفه حتى أجابه. وأصله أن الرجل إذا أراد تأليف البعير الصعب يمرّ يده عليه ويمسح غاربه ويفتل وبره حتى يستأنس ويوضع فيه الزمام (أيام العرب: ٦٠) .
[٤] . مط: عليه وله.

<<  <  ج: ص:  >  >>