المقاطعة، وأقام له الخطبة. ثمّ حمل شيئا من مال التعجيل وسلك سبيل الوفاء معه. فأشار كوردفير الكاتب على أحمد ابن بويه بأن يسرى إليه ناقضا ما بينهما من العهود فإنّه سيجده غير متحرّز وأصحابه غارّين لسكونهم إلى وقوع الاتفاق وزوال الخلاف فيفوز بأموالهم وذخائرهم ويستولى على ديارهم ويتمّ له ما لا يتمّ لأحد قبله.
[ذكر ما كان من عاقبة هذا الغدر والنكث]
أصغى أبو الحسين أحمد بن بويه إلى كاتبه ووقع بوفاقه [١] لحداثة سنّة واغتراره [٥٣٧] فحمل نفسه على مفارقة ما يجب عليه فى الدين والمروءة وجمع صناديد عسكره وخلّف سواده وما يجرى مجراه وأسرى للوقت إلى القوم وذلك عند صلاة العصر ليصبّحهم بياتا.
وكان علىّ بن كلويه متيقّظا قد وضع عيونه عليه فسبق إليه الخبر فجمع أصحابه ورتّبهم على مضيق بين جبلين كان الطريق فيه. فلمّا توسّط أبو الحسين فى الليل مع أصحابه ثاروا به من جميع الجوانب فقتلوا وأسروا رجال العسكر فلم يفلت منهم إلّا اليسير. ووقعت بأبى الحسين أحمد بن بويه ضربات كثيرة كانت ظاهرة فيه وطاحت يده اليسرى وبعض أصابع يده اليمنى وأثخن بالضرب فى رأسه وسائر جسده وسقط بين القتلى. وورد الخبر بذلك إلى جيرفت فهرب كاتبه كوردفير ومن تأخّر من أصحابه.
ولمّا أصبح علىّ بن كلويه أمر بتتبّع القتلى والتماس أحمد بن بويه فوجدوه حيّا. إلّا أنّه قد أشفى على التلف. فحمل إلى جيرفت وأقبل علىّ بن كلويه على علاجه وخدمته وبلغ فى ذلك كلّ مبلغ واعتذر إليه وأظهر الغمّ