للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلجّ أبو عبيد، وقال: «لا يكونون أجرأ على الموت منّا، بل نعبر إليهم.» فعبروا إليهم في منزل ضيّق المطّرد. فاقتتلوا يوما، حتى إذا كان آخر النهار، واستبطأ رجل من ثقيف الفتح، ألّف بين الناس، فتصافحوا بالسيوف في أهل فارس، وأصيب منهم ستة آلاف في المعركة ولم يبق إلّا الهزيمة. فحمل أبو عبيد على الفيل، وضربه، فخبط الفيل أبا عبيد، وقام عليه، وجال المسلمون جولة، ثم تمّوا [١] عليها وركبهم أهل فارس. [٣٣٥]

[خطأ في الرأى]

فكان من خطأ الرأى والعجلة فيه [٢] أن بادر رجل من ثقيف الجسر فقطعه.

فانتهى الناس إليه، والسيوف تأخذهم من خلفهم، فتهافتوا في الفرات. فأصابوا يومئذ من المسلمين أربعة آلاف بين غريق أو قتيل، وحمى الناس المثنى وعاصم ومذعور، وقد كان سليط- كما قدمنا الخبر عنه- يناشد أبا عبيد مع وجوه الناس، ويقولون [٣] :

- «إنّ العرب لم تلق مذ كانوا، مثل جنود فارس، وقد حفلوا لنا واستقبلونا من الزهاء والعدّة، بما لم يلقنا به [أحد] قبل، وقد نزلت [٤] منزلا لنا فيه مجال ومرجع من فرّة إلى كرّة.» فقال: لا أفعل، جبنت يا سليط.

فقال سليط: «أنا والله أجرأ منك، نفسا، وقد أشرنا عليك بالرأى، فستعلم.»


[١] . كذا في مط والطبري (٤: ٢١٧٥) . وفي الأصل: «نموا» . تمّ على الأمر: استمرّ عليه.
[٢] . «فكان ... فيه» سقطت من مط.
[٣] . في الطبري (٤: ٢١٧٧) : «.. فناشده سليط بن قيس ووجوه الناس، وقالوا: إن العرب ... » .
[٤] . كذا في الأصل ومط والطبري: وقد نزلت. وربما يكون الصحيح: لو نزلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>