فانحدرا إلى الأهواز فى شعبان سنة ثلاث وستّين. فلما صارا بواسط أنفذ إليهما بختكين ثلاثمائة ألف درهم ثم نزلا الأهواز فحمل إليهما ما يحمل إلى الأصحاب وخدمهما وبذل من نفسه الطاعة فى المحاسبة والموافقة. فلم تمض على ذلك أيام حتى ثارت فتنة بين الأتراك والديلم فى سبب صغير قد كان يجوز أن يستدرك قبل أن يستفحل ويستصعب. فاغتنماه وجعلاه ذريعة إلى إتمام ما كانا همّا به، وأجرياه على تخليط وفساد من غير تحرّز ولا احتياط.
[ذكر الخطأ الفاحش والتخليط الذي استعمل فى التدبير حتى انعكس وعاد وبالا]
إنّ بختيار خلف ببغداد والدته وإخوته وأولاده وحرمه وخزائنه وأكثر سلاحه وقطعة من خيله فى قبضة سبكتكين عدوّه الذي هو فى طريق التدبير عليه ومكاشفته بالعداوة. ثمّ أخذ يتطلّب عورة الأتراك الذين معه وينتهز الفرصة الضعيفة فيهم ليفسدهم على نفسه وينبّه سبكتكين على تدبيره عليه.
فكان مبدأ هذا الفساد أنّ غلاما من الأتراك نزل بسوق الأهواز دارا تجاور بعض الديلم وكان على بابها لبن مشرّج فأراد أن يبنى به معلفا لدوابّه. واحتاج ذلك الديلمي أيضا إلى شيء منه فوجّه غلامه ليأخذه فمنعه غلام التركي فلم يمتنع وخرجا [٤١١] إلى التنازع والتهاتر فخرج التركىّ من داره لينصر صاحبه ويمنع صاحب الديلمي. وخرج ايضا الديلمىّ لنصرة غلامه فأربى على التركي واستطال عليه فركب فى الوقت واستنهض الأتراك.
فثاروا بالديلم وتبادر الديلم وحملوا السلاح واجتمعوا على باب بختيار وبالباب ساحة واسعة قد ضرب فيها وجه من وجوه الأتراك مضاربه وذلك