بنفسه حرفا حرفا وبقي الأمر كذلك وأبو الفرج مستتر، إلى أن عاد عزّ الدولة إلى بغداد بعد سنتين وأخذ له ولأخيه أمان فظهر بعناية سبكتكين.
وضعف أمر الوزير أبى الفضل وضعفت منّته وتأدّى أمره إلى النكبة التي هلك فيها ووفى بختيار باليمين وقلد أبا طاهر ابن بقيّة الوزارة فكفّ عن أبى الفرج لأنّه علم أنّه لا يستوزر ولا يشرع فى شيء من فساد حاله، ونفى أخاه أبا محمد إلى واسط وأجرى عليه رزقا.
ثم إنّ أبا محمد أصعد إلى بغداد بغير أمره وذلك لإرجاف أرجف عنده بالقبض على ابن بقيّة فاغتاظ لذلك وقبض عليه ونفاه إلى البطيحة فحصل عند عمران مدة ثم أصعد سرّا واستتر ببغداد فى عرض الفتن التي كانت تجرى ثم تمكن ابن بقية منه ومن أخيه وطالبهما ثم نفاه ونفى أبا الفرج إلى سرّ من رأى واعتقله بها.
ذكر ما انتهى إليه أمر أبى قرّة بعد حصوله بواسط وقوة أمره وعناية سبكتكين وأصحابه به
لما أنس أهل واسط بقرب عزّ الدولة منهم وطال مقامه بينهم، تظلموا إليه سرّا ولقيه نفر منهم، فأعلموه أنّه قد أخرب بلادهم وأفقرهم وظلمهم وغشمهم وصادرهم وملك [٣٦٥] عليهم ضياعهم وأنّه استحلّ منهم ما حرّمه الله وصححوا عنه سعة حاله وكثرة ماله وجلالة ضياعه. فاستعظم بختيار ذلك وغاظه فعله وتمكّنه من النعم الكثيرة حتى أزالها واستبدّ بها، فصرفه عن واسط وتقدّم إلى ابن بقيّة أن ينظر فيها على سبيل الأمانة.
فاتهم أبو قرّة الوزير أبا الفضل بأنّه عن رأيه ومساعدته ولم يكن كما ظن فكتب إلى سبكتكين الحاجب يعرفه ما جرى ويحرضه على أبى الفضل ويعلمه أنّه قد حنث فى يمينه وعقوده التي بينهما وعاد إلى أسوأ فعله