وفيها كاتب طاهر خزيمة بن خازم يذكر له أنّ الأمر إن انقطع بينه وبين محمد ولم يكن له أثر فى نصرته لم يقصر فى مكروهه. فلمّا وصل كتابه إليه شاور ثقاته [١٠٧] فقال له أصحابه وأهل بيته:
- «نرى والله إنّ هذا الرجل آخذ بقفا صاحبنا عن قليل، فاحتل لنفسك ولنا.» فكتب إلى طاهر بطاعته وأخبره أنّه لو كان هو النازل فى الجانب الشرقي مكان هرثمة لكان يحمل نفسه على كلّ هول، وأعلمه قلّة ثقته بهرثمة ويناشده ألّا يحمله على مكروه عظيم إلّا أن يضمن له القيام دونه، ووعده بإدخال هرثمة وقطع الجسور وأنّه يتّبع هواه ويؤثر رضاه، وأنّه إن لم يضمن ذلك فليس يسعه تعريضه للسفلة والغوغاء والرعاع والتلف.
فكتب طاهرا إلى هرثمة يلومه ويعجّزه ويقول:
- «جمعت الأجناد وأتلفت الأموال دون أمير المؤمنين ودوني فى مثل حاجتي إلى النفقات وقد توقّفت عن قوم هيّنة شوكتهم يسير أمرهم توقّف المحجم الهائب لهم، استعدّ للدخول فقد أحكمت الأمر على دفع العسكر وقطع الجسور وأرجو ألّا يختلف عليك فى ذلك اثنان، إن شاء الله.» فأجابه هرثمة:
- «أنا عارف ببركة رأيك ويمن مشورتك فمر بما أحببت، فلن [١٠٨] أخالفك.» قال: فكتب بذلك طاهر إلى خزيمة.