للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوافاه أصحاب محمد ونشّبت الحرب بينهم فأسر رجل من العراة هرثمة ولم يعرفه، فحمل بعض أصحاب هرثمة على العريان فقطع يده وخلّص هرثمة، فمرّ منهزما وبلغ خبره أهل عسكره فتقوّض بما فيه وخرج أهله هاربين على وجوههم نحو حلوان، وحجز الليل أصحاب محمد عن الطلب والنهب والأسر، فلم يتراجع أصحاب هرثمة إلّا بعد يومين وثلاثة، وقويت العراة بما صار فى أيديهم. وقيلت فى هذه الوقعة أشعار كثيرة.

وبلغ طاهرا هزيمة عبيد الله بن الوضّاح وهرثمة وما صار إلى العراة من سلاحهم وأموالهم، فاشتدّ عليه وقام منه وقعد، ووجّه إلى أصحابه وعبّأهم وأمر بعقد جسر فوق الشمّاسيّة وخرج معهم إلى الجسر، فعبروا النهر وقاتلوهم أشدّ قتال يكون، حتّى ردّوا أصحاب محمد وأزالوهم عن الشماسية [١٠٦] وردّ إليها جند عبيد الله وهرثمة. وكان محمد أعطى بنقض [١] قصوره ومجالسه بالخيزرانية بعد ظفر العراة ألفى ألف درهم فى مواضعها وقد كانت النفقة عليها عشرين ألف ألف درهم. فحرقها أصحاب طاهر وكانت السقوف مذهّبة.

وهرب عبيد الله بن خازم بن خزيمة، لأنّ محمدا اتهمه وتحامل عليه قوم من السفلة والعيّارين، فخافهم على نفسه فلحق بالمدائن ليلا فى السفن بعياله وولده، وأقام بها ولم يحضر شيئا من القتال وفعل ذلك بمواطأة طاهر.

وضاق على محمد أمره ونفذ ما كان عنده ولم يبق له حيلة، وطلب الناس الأرزاق فقال عند ضجره بذلك:

- «وددت أنّ الله قتل الفريقين جميعا وأراحنى منهم، فما منهما إلّا عدوّ، وأمّا هؤلاء فيريدون مالي ولم يبق، وأمّا هؤلاء فيريدون نفسي.»


[١] . انظر الطبري (١١: ٨٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>