فبايعه الناس على ذلك، ولم يذكر عبد الملك إذ ذاك بشيء. ثمّ استخلف على بست عياض بن همدان، وعلى زرنج عبد الله [٤١٢] بن عامر التميمي. وبعث إلى رتبيل، فصالحه على أنّ ابن الأشعث إن ظهر فلا خراج عليه أبدا ما بقي، وإن هزم فأراده، ألجأه عنده وآواه.
[خروج عبد الرحمان نحو العراق]
وخرج عبد الرحمان نحو العراق وبعث على مقدّمته عطيّة بن عمرو العنبري، وبعث الحجّاج إليه الخيل، فجعل لا يلقى خيلا إلّا هزمها، حتّى دخل فارس واجتمع الناس بعضهم إلى بعض وقالوا:
- «إنّا إذا خلعنا الحجّاج فقد خلعنا عبد الملك.» فاجتمعوا إلى عبد الرحمان، وكان أوّل من خلع عبد الملك تيحان بن أبجر قام فقال:
- «أيها الناس إنّى قد خلعت أبا دبّان كخلعي قميصي.» فخلعه الناس ووثبوا إلى عبد الرحمان فبايعوه وكانت بيعته:
- «تبايعوني على كتاب الله، وسنّة نبيّه، وخلع أئمة الضلالة، وجهاد المحلّين.» فإذا قالوا: نعم، بايع.
فلما بلغ الحجّاج ذلك، كتب إلى عبد الملك يخبره، ويسأله أن يعجّل بعثة الجنود إليه. وجاء حتّى نزل البصرة، وكان المهلّب بخراسان حين بلغه شقاق عبد الرحمان، فكتب إليه:
- «أما بعد، فإنّك يا ابن محمّد قد وضعت رجلك فى غرز [١] طويل الغىّ. الله الله، فى نفسك لا تهلها، وفى دماء المسلمين فلا تسفكها، والجماعة فلا تفرّقها،