للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها إخوانكم بالأمس، وإنّما أنا رجل منكم، أمضى إذا مضيتم، وآبى إذا أبيتم.» فثار إليه الناس من كلّ جانب.

- «لا بل نأبى على عدوّ الله ولا نستمع له ولا نطيع.» وتكلّم وجوه الناس، فكان أولهم واثلة الكناني، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

- «إنّ الحجّاج ما يرى لكم إلّا ما يقول القائل الأوّل إذ قال [٤١١] لأخيه:

احمل عبدك على الفرس، فإن هلك هلك، وإن نجا فلك. إنّ الحجّاج والله ما يبالى أن يخاطر بكم فيقحمكم بلادا كثيرة اللهوب واللّصوب، فإن ظفرتم وغنمتم، أكل البلاد وحاز الأموال، وكان ذلك زيادة فى سلطانه، وإن ظفر عدوّكم كنتم الأعداء البغضاء الذين لا يبالى عتبهم [١] ، ولا يبقى عليهم. اخلعوا عدوّ الله الحجّاج وبايعوا الأمير عبد الرحمان، فإنّى أشهدكم أنّى أوّل خالع له.» فنادى الناس من كلّ جانب:

- «فعلنا فعلنا وخلعنا عدوّ الله.» وقام عبد المؤمن بن شبث بن ربعىّ ثانيا، وكان على شرطته، فقال:

- «عباد الله، إنّكم إن أطعتم الحجّاج جعل هذه البلاد بلادكم ما بقيتم، وجمّركم تجمير فرعون، فإنّه بلغني أنّه أوّل من جمّر البعوث، ولم تعاينوا والله الأحبّة فى ما أرى، أو يموت أكثركم. فبايعوا أميركم، وانصرفوا إلى عدوّ الله فانفوه عن بلادكم.» فوثب الناس إلى عبد الرحمان ليبايعوه فقال:

- «أتبايعوننى على خلع الحجّاج عدوّ الله وعلى النصرة لى والجهاد معى حتّى ننفيه من العراق؟»


[١] . عتبهم: كذا فى الأصل. فى مط: عيشهم. وهو خطأ. وما فى الطبري (٨: ١٠٥٤) : عنتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>