- «ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.» ٦: ٩٦ [١] فهذا حديث أكثر الناس. وقد قال غيره من أصحاب شبيب إنه كان معه رجال كثير ممّن أصاب من عشائرهم وساداتهم. فلما تخلّف فى أخريات الناس من أصحابه، قال بعضهم لبعض:
- «هل لكم أن نقطع به الجسر فندرك ثأرنا الساعة؟» فقطعوا الجسر، فمالت [٣٩٠] به السفن، ففزع الفرس ونفر ووقع فى الماء فغرق. والحديث الأول أشهر.
فتحدّث جماعة من أصحاب سفيان، قالوا: لما سمعنا صوت القوم: «غرق أمير المؤمنين،» عبرنا إلى عسكرهم، فإذا ليس فيه صافر ولا آثر. فنزلنا فيه فإذا أكثر عسكر خلق الله خيرا. فطلبنا شبيبا حتّى استخرجناه وعليه الدرع فسمعت الناس يزعمون أنه شقّ عن بطنه وأخرج قلبه. فكان مجتمعا صلبا كأنّه صخرة وانّه كان يضرب به الأرض فيثب قامة الإنسان.
فيحكى أن أمّ شبيب كانت لا تصدّق أحدا نعاه إليها. وكان قيل مرارا:«قتل» فلا تقبل. فلما قيل: إنّه غرق، قبلت وبكت. فقيل لها فى ذلك، فقالت:
- «إنّى رأيت فى المنام حين ولدته أنه خرج من قبلي شهاب نار، فعلمت أنّه لا يطفئه إلّا الماء.»
ذكر ما كان من المهلّب والأزارقة
كان المهلّب مقيما بسابور يقاتل قطريا فى الأزارقة بعد ما صرف الحجّاج عتّاب بن ورقاء عن عسكره نحوا من سنة. ثمّ إنّه زاحفهم يوم البستان [٣٩١] فقاتلهم قتالا شديدا، وكانت كرمان فى أيدى الخوارج، وفارس فى يد المهلّب.