للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا أخرج، فمرّ به على الناس أخذ يقول:

- «أما لى عشيرة؟ ما لي يذهب بى إلى دهلك! وإنّما يذهب إلى دهلك بالفاسق المريب الحارب [١] . سبحان الله! أما لى عشيرة.» فدخل على عمر سلامة بن نعيم الحولاني، فقال:

- «يا أمير المؤمنين، اردد يزيد إلى محبسه، فإنّى أخاف إن أمضيته أن ينتزعه قومه. فإنّى قد رأيت قومه غضبوا له.» فردّه إلى محبسه. فلم يزل فى محبسه ذلك حتّى بلغه مرض عمر. فأخذ يعمل فى الهرب من محبسه مخافة يزيد بن عبد الملك، لأنّه قد كان عذّب أصهاره، وكان يزيد بن عبد الملك قد عاهد الله: لئن أمكنه الله من يزيد ليقطعنّ منه طابقا.

فكان يخشى ذلك. فبعث [٥٤٧] يزيد بن المهلّب إلى مواليه، فأعدّوا له إبلا، وخرج حتّى حاز مراصد عمر. وكتب إلى عمر بن عبد العزيز:

- «إنّى والله لو علمت أنّك تبقى ما خرجت من محبسى، ولكنّى لم آمن يزيد بن عبد الملك.» وقد قيل: إنّ يزيد بن المهلّب إنّما هرب من سجن عمر بعد موت عمر.

وكانت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر. ومات وهو ابن تسع وثلاثين سنة.

[ذكر بعض سيرة عمر بن عبد العزيز]

كان الجرّاح بن عبد الله لمّا ولى خراسان استخرج الجزية من كلّ من اتّهم إسلامه. فكتب عمر إليه:

- «أنظر من صلّى إلى القبلة قبلك، فضع عنه الجزية.» فسارع الناس إلى الإسلام. فقيل للجرّاح:


[١] . الحارب (بالحاء المهملة) : كذا فى الأصل. والكلمة ساقطة من مط. وما فى الطبري (٩:
١٣٥١) : الخارب (بالمعجمة) . والحارب (بالمهملة) : حربه حربا: سلبه جميع ما يملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>