للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إليه:

- «العجب من اغترارك بى وطمعك في واستسقاطك رأيى، تسومني الخروج من طاعة أولى الناس بالإمارة، وأقولهم بالحقّ، وأقربهم إلى الرسول، وأهداهم سبيلا، وتأمرنى بالدخول في طاعتك، طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم بالزور، وأضلّهم سبيلا، وأبعدهم من الله ورسوله وسبيله، ولد ضالّين مضلّين، طاغوت من طواغيت إبليس، فأما قولك: إنّى مالئ عليك [١] خيلا ورجلا، فوالله إن لم أشغلك بنفسك حتى تكون نفسك أهمّ إليك، إنّك لذو جدّ والسلام.» [٥٦٧] فلما أتى معاوية كتاب قيس بن سعد هذا. يئس منه، وثقل عليه مكانه، وأخذ في طريق الحيلة عليه، والمكيدة له.

ذكر مكيدة معاوية لقيس وما تمّ له عليه

فأخذ معاوية يكيد قيسا من قبل علىّ، فيظهر مرة كتابا يفتعله من قيس إليه بأنه: منكر لقتل عثمان، تائب إلى الله منه، وأنّ هواه وميله معه، في أشياء تشبه هذا الكلام، ومرة يظهر رسولا يزعم: أنّه من قبله ويلقّنه وما يقوّى به قلوب شيعته من أهل الشام، ومرة يقول لثقاته: لا تسبّوا قيس بن سعد، فإنّه لنا شيعة [٢] تأتينا نصيحته سرّا، ألا ترون ما يفعل بإخوانكم من أهل حزبنا يجرى عليهم أرزاقهم. ويؤمن سربهم ويحسن إلى كل راكب قدم عليه منكم؟

فسمع جواسيس أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب وعيونه ذلك، فكتبوا إليه به.

ولم يزل معاوية بأمثال هذا المكائد حتى اتهم علىّ قيسا، وجمع ثقاته، وقال لهم ما كتب إليه من أمر قيس، فقالوا:

- «يا أمير المؤمنين [٥٦٨] ما يريبك إلى ما لا يريبك [٣] . اعزل قيسا، وابعث


[١] . عليك مصر ... (الطبري ٦: ٣٢٤١) .
[٢] . كذا في مط.
[٣] . سقط من مط: «إلى ما لا يريبك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>