وفى هذه السنة هرب أبو العباس الضبّى من الرىّ وصار إلى بروجرد لاجيا إلى بدر بن حسنويه.
شرح الحال فى ذلك وفيما جرى عليه أمر الوزارة بالرىّ بعده على ما أخبرني به القاضي [١٠٩] أبو العباس أحمد بن محمد البارودى
قد ذكرنا من قبل صلاح أمر أبى العباس مع الجند بالري ونزوله من القلعة فى اليوم الرابع من القبض عليه وحمله إليها وعوده إلى النظر والتدبير ولمّا كان ذلك أقام مدّة سنة والاستقامة جارية والأمور مترخية والحال بينه وبين بدر بن حسنويه عامرة والعصبية له منه واقفة. وكانت فى أبى العباس شدّة تغلب على طبعه وشحّ يفسد عليه كثيرا من أمره. فاتفق أن توفّى الإصفهبذ الأكبر ابن أخى السيدة والدة مجد الدولة وفاة أتهم أبو العباس بأنه دبّر عليه وسمّه.
وطلبت السيدة منه ما قدره مائتا دينار لإقامة رسم العزاية. فقال فى جوابها:
- «لو اشتغلت بما يعطاه الجند المطالبون لكان أولى من تشاغلها بعمل المواتيم للموتى الماضين.» فاغتاظت وقالت:
- «صدق، وكيف يقيم مأتمه من قتله. وبلغه قولها فأسرّ الاستيحاش منها وعلم ما وراءه من تغير رأيها. فراسل أبا القاسم بن الكج القاضي بالدينور واستدعى منه مطالعة بدر بن حسنويه بأمره واستئذانه فى خروجه إلى بلاده وتجديد التوثقة عليه له. فخاطب ابن كج بدرا على ذلك فقال:
- «الرأى له أن يقيم بموضعه ولا يفسد حاله بيده ويتلطّف فى إصلاح السيدة.»